الاثنين، ١٣ ذو الحجة ١٤٣٣ هـ

كل الوجوه مراياك

كلُّ الوجوه مراياك.. ولي وجهي .. ألبسُه غائماً.. في الغياب كلُّ البروقِ.. تطلعُ من بين يديكَ.. ارجوحةً لشذى الطيفِ.. في فضاهْ وهنَّ يطاردنكَ.. في حلمكَ.. في اصابعكَ.. في دمكَ.. وفي ناي الحياة وأنا اقفُ على حبلِ جمرٍ ووجدٍ وأدّعي تفتحي كتوليبةٍ.. على سهلِ الحياد وكلُّ الوجوه مراياك لا آخذُ منكَ.. إلا جرعةً من نبيذ الإسمِ يبلل حنجرة الشوقِ.. كلما هبّ اعصارٌ في ليلاي.. انقطعت اوتاري.. وسُكنتً بالخوف.. كزوجة "اليوت" معلقةً من رجلي قصيدةٍ بين اثمِ خطيئةٍ ورياح جنونٍ .. وهدي "ابي العلاء" وأنتَ.. ما انت؟ أنتَ فاصلةُ التاريخِ.. من امرئ القيسِ.. الى الجواهري.. وما لبسه الكونُ.. في رؤاه.. أنتَ العبثُ .. الذي طارَ مع البحرِ.. الى السماءِ.. بجناحي وردةٍ تغني.. ملء حبها فيكَ وأنت خمرُ الحقيقة.. عندَ ناصيةِ المجهولِ أنتّ كلُّ تفاصيل الجمالْ أنت ما تجبله ايدي الربيع.. وتلقيه تحت اضلاع عاصفتي.. أنتَ ما تساقطَ من شفاه الشمسِ... ذات ليلةِ ارقٍ مخبريةٍ.. في تهجين الانسان القديمِ.. لتطلع في ايامي.. ربّاً من وهجٍ وآسْ يا حبيبي.. أنت كل شيء وأنا المبهورةُ.. المجنونة.. المسجونة دونكَ.. في منفاي !

انا وهي وجسدي

في بيتي ركنٌ صغير تجلسُ في حضنه طاولةٌ من عهد الإنجليز ربما..وعلى ظهرها تحمل تلفازاً صغيراً لا افتحه إلا نادراً، ربما كي احس ان احدهم يتواجد معي في البيت احياناً ، فلا اسمع صدى روحي ،ليس خوفاً منه بل من كوابيسه.. ربما هي العلاقة هكذا بيننا وبين الماضي.. طاولة الإنجليز تحمل في اوردتها ذكريات ثوارٍ كانوا رجالاً ضد القهر والاحتلال بكل ما تحمله الكلمة من معنى ويندر وجودهم في هذه الأيام، والتلفاز يصوّر لعقلي ان ثمة عوالم اخرى حتى وان كانت غارقة في الكذب، لعلها تخرجني قليلاً من قارورة احلامي الوردية ! هكذا هو الماضي: بابٌ حديدي يتعربشه الصدأ.. لأن التينة تتذكر ملامحنا جيداً ، ودالية العنب وشمت صورنا على كفوفها ! نحن لا نأتي من الفراغ... لنا قلوبنا النازحة تحت صوّان الطفولة، لنا اصدقاء احببناهم وبناية جمعيةٍ احتضنت صدى اصواتنا مع عودٍ يغني اوجاعنا ويحوّلها الى ترنيمةٍ سماوية.. لنا رصيف امتلأ ندوباً وتحمل وقع خطانا على وجهه،ولم نسمعه يتذمر او يعترض.. لنا صوت بائعٍ في السوق القديم كان "يدلّل" على بضاعته ليذيب العاطفة فينا الى ادواتٍ منزلية نحوّلها الى مزاميرٍ تلحن شجارات بيوتنا المعتادة بعدها.. لنا كتب مدرسية يرفضون تزيينها بحميميةٍ درويشية لا لشيء الا لأنهم يخافون من دمعة قلبه.. لنا عائلات ومنازل مشققة السطوح وقرى اعتلت صفحة سنابلها اليابسة كل انواع الجنادب الضالة .. لنا اطفال تضيع خطاهم بين وطن منكوب ودولةٍ تتعربش على العابهم بإسم القانون المفصل على مقاساتهم وحدهم.. لنا لغة وتراث ونكبات وصورٌ ملّها الغبار.. لنا ولنا ولنا.. ماذا كان لي مما كان "لنا"؟ وماذا سيصير لي مما سيكون؟ لست ادري.. ففي التاسع والعشرين من هذا الشهر سأفتح باب الحياة من جديد، وسأحاول الانتصار على الطفلة التي تزاحمني على المساحة الفاصلة بين قلبي والكون.. من سيعلو صوتها اكثر بعد التاسع والعشرين من اكتوبر؟ وكيف تعيش طفلة وامرأة في جسدٍ واحد؟ ومن يكتبني الآن..هي ام انا؟ نحن اثنتان.. تضجُّ الاولى بالحنين الى الزيتون والسنديان.. وتدّق الثانية طبول موعد تحليقها.. ضوء شمسٍ يعارك ظله.. عباّد شمسٍ يحارب العتمة.. فمن ينتصر؟ هو الوقت يتسرب كالرمل من بين يديهما.. أما جسدي، فيقف بعيداً يتفرج عليهما ثم يغمض عينيه كي لا يرى نفسه بعد اربعين عاماً من الآن ..


الجمعة، ٣ ذو الحجة ١٤٣٣ هـ

حقيقة المتدينين العرب

الدرزي اخي والمسيحي ابن عمي وفلسطين للجميع مقدمة: اذا كانت العيون ثلاثة انواع فإن دروب العقل بالملايين ،"واعلم ان المنافقين في الآخرة في الدرك الأسفل من النار (وأشك بوجودها اصلاً) لكنهم في الدنيا في الصفحات الاولى من الصحف" ! اخلعوا احذية عقولكم القديمة وأحرقوا جثامين شياطينكم الوهمية واخترعوا احلامكم المستقبلية والعلوم التقدمية وانطلقوا ولا تتبعوني، فأنا لا احتاج عباءة خليفة او منبراً كي اصعد به اليكم لأن كل البشر متساوون في الحقوق والواجبات ، ولكل انسان حقه في التفكير والاختيار والإيمان واللباس والحلم ، ولا فضل لعربي على اعجمي بشيء ، ولا فضل لأعجمي على عربي حتى وان كان هذا الاخير يركب سيارته ويستعمل حاسوبه ويرش عطره ، فثقافة الزهور المضيئة لا تساوي شيئاً في عصر الدم والمتاجرة بأرواح البشر . في ظل المؤامرة الكونية على بلاد الشام بدأنا نلاحظ تشكّل عصرٍ جديدٍ لا حسنة تُذكر فيه سوى سقوط الأقنعة عن اصحابها وخير دليلٍ على ذلك مصر وما تبع ثورتها من جهلٍ وظلام وفتاوى ما انزل الله بها من سلطان . أما لدينا وتحديداً في الداخل الفلسطيني فقد بتنا نلاحظ ظهور شعارات الطائفية في كل مكان ، في الشارع، في المدارس، في المساجد، وحتى في المقالات التي "تتعربش" على صفحات الصحف المحلية والمواقع المختلفة والتي تفتقر الى مستوى ادبي وخطابي ويرقى بالقارئ، هذا اذا غضضنا البصر ايضاً عن الاخطاء النحوية والبلاغية المضحكة لكثرة بروزها في النصوص . حقيقة القوميين والعلمانيين العرب: على مدار اكثر من ستين عاماً نعيش نحن الأقلية العربية الامتداد الفلسطيني في ظل دولة جاءت الينا ولم نذهب نحن اليها، ولم يمنعنا ذلك من الحفاظ على هويتنا وتراثنا وأدبنا ووحدتنا القومية، وهذه الاخيرة باتت تواجه الخطر الأكبر في ظل تزايد اصوات التحريض على الطوائف الغير اسلامية وخصوصاً (ان كانت لا تنتمي للسنّة) ، واتساءل لماذا يلجأ بعض الشيوخ الى نشر هذا الفكر في مثل هذا الوقت العصيب بالتحديد؟ فعلى مدار اسابيعٍ متواصلة يتم التلميح بالكفر ضد الطائفة العلوية ليقع قبل ايام بين يدي مقال بعنوان: " حقيقة العلمانيين والقوميين العرب" والذي يتهمنا الشيخ فيه بالانتماء الى الماسونية بشكل مباشر ويدّعي بأن العلمانية مخطط غربي خبيث ، وهذا ليس بالأمر الجديد علينا فلطالما اعتبر المتدينون ان كل فكر يخالف افكارهم وأفكار كتبهم ما هو سوى انتماءات للغرب وأطماعه لضعف الحجة لديهم وهنا تثيرني نقطة مهمة جداً فإذا كانت الأديان وخصوصاً الاسلام هي "صاحبة المعروف" والتي أوردت للعالم كل علمائها ، لمذا اذاً هذا التراجع الفكري والعقلي والعلمي في مجتمعاتنا في مثل هذا العصر؟ ولماذا معظم من يفوز بالجوائز العلمية والعالمية هم من غير العرب ومن غير الاسلام؟ وإذا اخذنا على صعيد الحقائق التاريخية المثبتة فإن الفترة التي شهدت ازدهاراً ابداعياً وتقدماً علمياً في فترة الخلافة الاسلامية هي الفترة العباسية اي في المرحلة التي ابتعد الناس فيها عن الدين ( فحين ينتهي الدين تبدأ المعرفة) ! ويتهمنا الشيخ "الجليل" نحن العلمانيين في البلاد بالتبعية والجهل ويشكك بوطنيتنا التي هي اصلاً مبنية على محبة البشر والأرض والشعوب ولا نعلّقها بديانةٍ او طائفةٍ ما ، لا وبل يعزو في مقاله ان اسباب ظهور القومية العربية وانتشارها هي النصرانية ويذكر ميشيل عفلق وزكي الأرسوزي في المقال باسم طوائفهم متقصداً بقوله ان الاول نصراني والثاني علوي ، ويكاد يخوّن جمال عبد الناصر ..هذا الرجل الذي لم تشهد العروبة زعيماً اصيلاً مثله، فإذا كان المقال يحمل رسالة محبة لماذا يدعو الى الطائفية اذن؟ ولماذا تُذكر طوائف العظماء عفلق والأرسوزي اللذان درسا الفلسفة وكانا رائدين في مجال الصحافة ودرسا في السوربون وما ذنبهما اذا كان من طبّق الدستور في سوريا لم يطبق توصيات عفلق في مؤلفاته وخير دليل على ذلك كتبه ومقالاته منذ مطلع عام 1956 . أما عن الدستور السوري فما دعا إلا الى الحرية والاشتراكية دون تفرقة بين ابناء الشعب الواحد وكان على الرئيس ان يكون عربياً دون اهمية لطائفته والمشكلة لم تكن بالدستور انما بمن طبقه وأعدم من اعدم في الثمانينيات تماماً كمشكلة تطبيق رجال الدين لنصوص الديانات المختلفة. ويكمل الشيخ في مقاله الى انه تم سلخ الاسلام من قوانين الاحوال الشخصية في الدستور، و يا حبذا لو يخبرنا بمصادره المعلوماتية فمن اي كتابٍ بالضبط استقى معلومة ان نسبة المسلمين في الجيش السوري انخفضت الى 12% ؟ ام ان شيوخ بلادنا يعتبرون ان العلويين لا ينتمون للإسلام ؟ وأجل العلمانية تدعو الى فصل الدين عن الدولة ومنح المواطنين كامل حقوقهم دون فروقٍ او عنصرية ، وما الذي يمنع زواج المسلمة من المسيحي مثلاً؟ وما الذي يمنع ان تكون البلاد لجميع مواطنيها؟ ( لعلّ الشيخ يريد ان يعيدنا الى عصر الخلافة)؟ وإذا كان الغرب وهو فعلاً المتهم الأول بالاستيلاء على بلادنا فأموال "حماة الدين" امراء الخليج لها الفضل بذلك وأكثر ولهم الفضل باحتضار سوريا امام اعيننا ، وإذا كان سقوط القوتلي من اعداد وتخطيط الولايات المتحدة كما ذكر في المقال بحسب كتاب لعبة الأمم ، فأنا اقترح على الشيخ الكريم ان يقرأ كتاب الحرب السرية في الشرق الأوسط ليجد ان السعوديين انفقوا ستمائة الف ليرة سورية لإقالة وزارة الخوري التي تلت وزارة القوتلي وليقرأ ويتابع البرلماني البريطاني السابق "جورج غالاوي" الذي اثبت في برنامجه ان آل سعود يمتلكون اكثر من ثلاثة تريليون دولار في المصارف الصهيو امريكية فإن هددوا بسحبهم من تلك المصارف كي يضعوا حداً لمعاناة الشعب الفلسطيني لكان ذلك كافياً لتحرير فلسطين دون شك ، لكن الهم الديني يصب اليوم لدى رجال الدين والاسلاميين خاصة بدق اسفين الطائفية بين ابناء الشعب الواحد، ومنذ متى كنا في فلسطين نتحدث بهذه اللهجة ونصنّف البشر بحسب طوائفهم؟ نحن دعاة العلمانية ندعو الى احترام كل الديانات وكل الطوائف والعقائد، وكل انسان حرٌ باختياراته حتى وإن غيّر دينه او ان قرر العيش بلا دين اصلاً ، ونحن لا ننتمي لتنظيمات عالمية لا ماسونية ولا غيرها ، ( على الأقل نحن لا نعيّن خليفة علينا في الشمال وخليفة في الجنوب كما يفعل المتدينون في بلادنا) ، ولا خليفة لدينا ، فإذا كان المتدينون لا يتفقون على رئيس واحد فكيف لهم ان يحرروا وطناً؟ وإذا كانت الطائفة السنّية في مواقع الحكم تدعو الى السلام فلماذا يعيش معظم الشعب السعودي تحت خط الفقر بملايين السنين الضوئية؟ ولماذا تقمع نساؤه؟ (وهو على اساس يتبع الشريعة الاسلامية في دستوره ) ولماذا قتلت الحكومة السنية في البحرين ما قتلت ولازالت تقتل ابناءها الشيعة مع ان 70% من الشعب هم شيعة هناك وأولى بالحكم ، ولماذا واحدة من بين ثلاث فتيات في مصر يتعرضن للتحرش الجنسي في ظل الحكم الاخواني المصري الجديد؟ وقسمٌ كبير منهن محجبات اساساً ! لولا تكاتف الشعب الفلسطيني مسيحياً ودرزياً واسلامياً في وجه المحتل لقُتلنا جميعاً داخل هذه الدولة .. العلمانية هي من قدمت لنا حرية العيش والابداع، هي من اهدتنا محمود درويش وفدوى طوقان واسماعيل شموط ، العلمانية هي من تدعو للتعامل مع البشر بمقدار انسانيتهم . ماذا يعرف المتدينون عن العلمانية؟ ام ان كل من دعا الى التسامح الطائفي والأخوية صار كافراً وملحداً ؟ مع ان الإلحاد هو عدم الايمان بوجود الله مطلقاً وكم من العلمانيين يؤمنون بالله ولا يؤمنون بالكتب الدينية ، وحتى وإن لم يؤمنوا فهذا ليس من شأن احد، ومن نصّب المتدينين آلهة على الأرض؟ الدين لله والوطن للجميع ! اين كانت الحركات المتدينة حين هُدمت العراقيب اكثر من اربعين مرة؟ اين كان المتدينون حين قُتلت فلانة وعلانة على يد اخيها وأبيها بسبب نشرهم للفكر المتطرف وأنصاف الحقائق واتباع الديماغوغية على عقول شبابنا من على منابر المساجد وخطب الجمعة بأن كل شيء في جسد المرأة عورة ؟ اين هم المتدينون الذين يدافعون عن العلم والتقدم خارج الكتب المقدسة في ظل ديناميكية الحياة والتي تقضي تطوراً في التفكير والتأويلات للكتب والأحاديث؟ بدل ان ينظّر المتدينون علينا كيف ندير حياتنا ويفرضون علينا ما نؤمن او لا نؤمن فليتوقفوا حالاً عن زرع بذور الطائفية بيننا نحن ابناء الشعب الفلسطيني الواحد ، ولينظموا على الاقل زيارات لطلاب المدارس بين ابناء الطوائف المختلفة وليشجعوا الآباء والأمهات على تدريس جميع الكتب الابراهيمية في البيوت وليلقنوهم اساليب التسامح البشري والديني في ظل هذه الأوقات الصعبة التي لا يُستغل الدين فيها إلا كأداة للإلغاء او القتل فالدين نهج حياة وإيمان وليس كرسياً ولا سيارة نورثها لأبنائنا ..الدين لا يورث . لقد قسموا سوريا طائفياً واجتماعياً وبفضل ذلك يحاولون تقسيمها جغرافياً ايضاً، وما الذي نملكه في فلسطين حتى تقسموه؟ لا حاجة لأن نكون مع النظام السوري السفاح ولا مع جيش المعارضة المكون من الناتو والأتراك وكل متعطش للدم الانساني ، نحن لا مع الأول ولا مع الثاني ، نحن مع الحياة ونقدس الحياة فقط لأنها تستحق منا ذلك ! انتم المتدينون من يجب عليه ان يحذر كي لا يكون اداة للصهيونية وأطماعها ، لأن الطائفية هي بنت الاحتلال والقومية والوحدة هي وحدها المنجّي . وإذا كانت المؤامرة الكونية على الشعب السوري الشقيق قد انجبت كل المصائب والمآسي البشرية ،فلها حسنة واحدة انها اسقطت الأقنعة عن كل الأنظمة العربية والحركات المختلفة ومنها "من يزعم القيادة على مزبلة" ! وإذا كانت هذه هي اجندة الحركات المتدينة "فلينقعوها ويشربوا ميّتها "لأن الدرزي اخي والمسيحي ابن عمي والعلوي والسني والبهائي كلهم ابناء هذه الأرض، وفلسطين للجميع للجميع .
بشراسة هيرا .. كلما طلع الصباح.. اطبع قبلةً على صورتك.. وأقول لطيفك صباح الخير.. وبريش الطاؤؤس .. اشعل فيك نيراني وفتنتي.. ومن بعيدٍ آمر العملاق ذا المائة عين بالموت.. فيموت.. وأنثر عيونه على جسدي.. فمن جاء اولاً؟ ثلجي الأبيض المشتعل.. ام انت؟

الحزن

مَن علّمك يا صديقي ان الحزن دمعةٌ على الوجه؟ الحزن انفجارُ بركانٍ في اقاصي الخيال.. ووجه امرأةٍ يبتسم في صورةٍ على حائطٍ يلعن نفسه لأنهم اخبروه بأنها بلا شوارب.. الحزنُ غرفةٌ مظلمة ومنمقةٌ بالزهور الوردية لا يدخلها احد ولا يخرج منها احد.. والكارثة ان الحزن لا شفاه له ولا مواعيد له ولا ادوية له ،فكم بالحري عودٌ وحيد لا يفهم الحانه إلا من مات قهراً؟

الجمعة، ١٢ ذو القعدة ١٤٣٣ هـ

ذكور القبيلة يريدونني .. جسداً وحسب ونساء القبيلة يردنني.. جثةً في تابوتٍ منسي.. هل عرف هؤلاء ابجدية الانسان؟ لا اظن ..
لو كنتُ حاكمة البلاد.. ولو ليومٍ واحد.. لأطلقتُ جميع العصافير.. من اقفاصها وزرعتُ قوس قزحٍ.. في قلوب كل البؤساء !
كلّما تكسر بلور قلبي.. عرفتُ اني كائنٌ زجاجي.. انما قلبي مضادٌ للرصاص
لا تحفر في قلبي.. نقشاً على شكل قلبٍ.. يوجعني يفرحني بإبتسامته.. لكني اعرف اني إن ادمنْتُه سينساني ! لا تقف امامي بثوب عوسجةٍ.. كي لا اخلع الثوب وأرتديك..
سأبحثُ في ذاكرتي.. عن عصرٍ عشتُه قبلكَ.. سأبحث عن غصن زيتونٍ.. بين شفاه قصائدي.. عن شبه رجلٍ.. رماني بالأقحوان وعمّدني بالندى.. وأعرفُ اني لن اجد ..
لي من قُبَلكَ .. أعراسُ وردٍ ونبيذ ومن العينينِ.. تثاؤب فجرٍ.. وشطحةُ موج غريبٍ غريب انا الكونُ في مخاض ربيعهِ.. فهل تلدني قصائدكَ.. من جديد؟
سأتواطئ الليلة.. مع الحلمِ عليك سأسكب حليب النجومِ.. في انهاركَ.. قطرةً قطرة كي تظل دائمة الجريان مللتُ حبك الموسمي ..
ماذا عليَّ ان افعل.. كي اثبتَ لنفسي .. اني لا زلتُ على قيد الحياة؟ هل اعضُّ على شفة القصيدة السفلى؟ هل اقرص المرآة من وجهها؟ هل اسابق الغيم في عينيك.. وأنا لم ارهما بعد؟ هل افتح مقهى للزهور.. وسط الشارع العام؟ ماذا علي ان افعل؟ انا يا صديقي متعبة.. من صوت شخير الجدار من "تكشيرة" فنجان القهوة؟ من افواج النوارس التي لا تأتِ.. إلا من جهة الشرق انا يا صديقي متعبة.. من كل شيء.. فماذا افعل.. كي اثبتَ لنفسي.. اني لازلتُ على قيد الحياة؟
ماذا افعل كلما امتلأ دمي بك وطفحت شراييني وفارت وثارت كما الآن..ماذا افعل؟ هل أُفرغ روحي من روحها؟ هل اعلق قلبي على هيكلٍ من خشب.. وأصنع مني دمية خشبية؟ اللعنة .. كم انت إله شرير.. ولكني احبك
ينام طيفك .. على خاصرة حلمي.. فتصحو القيامة يدغدغ صوتك.. غيمتين غاضبتين.. في وجعي.. فتلوب سمائي وتمطر احرفاً متكسرة.. هذي الحكاية !

خربشات فيسبوكية (1)

بي جنيّ شاعرة مهمومة.. يريد ان يخرج ليتمشى.. فوق قلبي قليلاً.. مشكلته الوحيدة انه يخاف مصباح الطريق ! **

السبت، ٩ رمضان ١٤٣٣ هـ

لأنك عربي تستحق الحياة

" لقد ثُرنا على الانكليز، على الفرنسيين، على الذين استولوا على بلادنا وحاولوا استعبادنا، وقاسينا في هذا السبيل ألواناً من العذاب، ةتكبدنا انواعاً من الخسائر، وضحينا كثيراً من الارواح، ولكن عندما تحررنا من نير هؤلاء ، اخذنا نستقدس الحدود التي اقاموها في بلادنا بعد ان قطعوا اوصالها " ونسينا معنى القومية العربية وصرنا نزغرد على شرفات بيوتنا الآيلة للسقوط لأننا بتنا فلسطينيين وسوريين وعراقييين... ومثلما تعددت الزلازل التي ضربت الامة العربية منذ فجر التاريخ وحتى اليوم فقد تعددت الاتفاقيات ايضاً وبدل ان تثور حميمية العروبة فينا، ثار الضمير الثمل فينا والعهر السياسي والركوع الجديد للزعامة الامريكية الاسرائيلية ! هو جاهلٌ وغبي من يظن بأن الثورات في العالم العربي اليوم وفي سورية خصوصاً هي من صُنع الشعوب، وليس تقزيماً لهمّة شعوبنا العربية حاشا وكلا، انما واقعيةٌ اخاف ان اتلمس نهايتها المأساوية، فلا يجوز ان نسمي المؤامؤة الجديدة والفتن الداخلية ثورة، ولا يجوز ان نعبث بمشاعر بعضنا ونسمي بذور الطائفية التي زرعوها بيننا ثورة ، ولا يجوز ان نفكر بأن زعماء العرب القابعين تحت المظلة الامريكية والذين ظهروا بعد الثورات سيحررون فلسطين ، لأنهم ما عادوا سوى احجار شطرنج مقلوبة على رأسها ايضاً، ولا يجوز ان تغلبنا عاطفتنا كالعادة لنصدق ان الاسلام قد بدأ يغزو العالم من جديد ، ولا يجوز ان نسمي " الناتو" في سورية الجيش الحر وثائر ضد النظام، ولا يجوز ان نغمض اعيننا ونتابع سير يومنا كالقطيع وكأن لا شيء يحدث هنا، فالحرب العالمية الثالثة لا تدق على الابواب لتطلب اذنكم ! عندما يصير مخترع الاحداث وناقلها جسمٌ واحد ومشوه، فعلى الدنيا السلام ، وعندما تتناول الفضائيات العربية الاحداث من منظور واحد لا يكشف كل اوجه الحقيقة والمؤامرة وبتمويل اسرائيلي امريكي فقد فقدَ كل الاعلام مصداقيته .. وكمواطنٍ عربي تريد ان تفهم ما يجري ما حولك اليوم، عليك ان تعود الى كل احداث التاريخ وتقلّب صفحاته لتفهم ما مرّ على امتنا العربية منذ سلطنة الدولة العثمانية وحتى اليوم، وتتابع اخبار الساعة بموضوعية في كل وسائل الاعلام العربية والغربية منها ( فحين كانت الجزيرة مثلاً تبث على شاشاتها سقوط احد اعمدة النظام في سوريا ، كانت التايمز البريطانية قد نشرت تقريراً مفصلاً حول ماهية الجيش الذي يحارب الاسد في آخر عواصم العرب عنفواناً وحضارة ، كما وكنت ستقرأ حول الأجور التي يقبضها الجندي الغربي من دولته معاشاً لحربه المقدسة في سورية) ، ثم عليك ان تفكر لمصلحة من كل هذا ؟ ولكي تفهم ذلك، اليك بعض المعطيات والأحداث التي جرت خلال " الخريف" العربي : 1) سيطرة الولايات المتحدة على الآبار النفطية في الدول العربية وفي العراق وسورية تحديداً . 2) نزاع علماني اسلامي على الدستور التشريعي في تونس. 3) مقابلات الاخوان المسلمين المستمرة لأعلام السياسة في الولايات المتحدة قبل صعودهم للحكم في مصر وبعد صعودهم ايضاً. 4) مصادر اسرائيلية عليا تحذر مواطنيها من ارتياد تركيا خوفاً من( هجمات ارهابية) على حد قولها واتهام المسلمين السلفيين في حادثة بلغاريا . 5) مستوى العلاقات الاقتصادية السياسية بين اسرائيل والاردن ومصر والامارات وقطر والبحرين لهو الاكثر نجاحاً خلال الخمسين سنة الاخيرة. 6) ازدياد الميادين الاستخباراتية الاسرائيلية الجديدة في تركيا والسعودية وسيناء وارتفاع عدد ضباط مخابراتها العسكرية بنسبة 25% بحسب صحيفة " يديعوت احرونوت". وبما انك من النخبة ولا تريد ان تكون مُستَهلِكاً و مُستَهلَكاً لأفلام الطائفيين الجدد والأحلام الوردية عليك ان تطرح الاسئلة من حولك دوماً، وسؤالك لماذا كل ما يحدث في وطننا العربي ولمن المصلحة في تقويض دعائمه من الداخل ، اجابك عليه اكبر بروفيسور مخضرم في اسرائيل " باري روبين" في مقالٍ مفصلٍ له في الثالث عشر من الشهر الجاري "بأن وضع دولة الاحتلال امنياً هو افضل حالاته في ظل اقتتالنا الداخلي، فحين تكون الشعوب العربية منقسمة على ذاتها داخلياً ومعطلة اقتصادياً تكون اسرائيل تزداد ازدهاراً عسكرياً وبلوماسياً"... وإن شئتم ستكون خارطة اسرائيل الكبرى قد اكتملت حتى لو كانت سياسياً واقتصادياً فقط، وافتحوا هذه الخارطة لتجدوا اني على حق وهنا الخطر الأعظم ! فحين تنوي اسرائيل القيام بحربس قادمة في ظل النزاع على الهيمنة الاقليمية الثلاثية : تركيا- ايران- اسرائيل ستكون كل الدول العربية التي تعرضت للمؤامرة معطلةً فكرياً قبل ان تكون معطلةً اقتصادياً وطائفياً ايضاً وهكذا تضمن النصر القادم وبكل بساطة خصوصاً وانها تمتلك اقوى الاسلحة في العالم فتكاً ، حتى لو كان معظم جيشها من المرتزقة ، هذا ان لم تكن قد انتصرت اصلاً ، والانتصار لا يكون بالضرورة عسكرياً . ألم تسأل نفسك ماذا سيحدث بعد سقوط النظام في سوريا وسائر ما تبقى من السيرك العربي المكهرب؟ ستكون الهيمنة الامريكية الاسرائيلية هي الاقوى من نوعها في تاريخ هذا القرن ، وبعد انهيار كل النظام في سورية سيبدأ الاقتتال الطائفي السوري الداخلي بالتفاقم ليشترك معه الاقتتال اللبناني ومن ضمنه حزب الله طبعاً، وماذا عن السلطة الفلسطينية؟ وماذا ستفعل ان قررت اسرائيل ضم الضفة والقطاع وفرض هيمنتها على كل اراضيها؟ وبكلمات بسيطة لا اريد تلويثها اقول : ماذا ستفعل سلطة فلسطينيو وهي ما عادت سوى واجهة مشوهة لشعبٍ معذب وجهةٍ مضحكة لدفع الرواتب لا غير! لماذا لا تستقيل السلطة الفلسطينية من منصبها المخجل المبكي بعد ان اثبتت عجزها عن تحريك ساكن وبعد ان اضحت غير شرعية لمرور ست سنوات على تنصيبها ؟ وتظل اسئلة نجيب عازوري تحيرني ، فماذا فعل العرب برأس مالٍ زمني قدره الى الآن اكثر من مائة عام ؟ واين هي اليقظة العربية؟ ويقول : " هو سؤال اقرب الى الفكاهة السوداء، لأن السادة والاتباع والرعية وفيالق الحكمة آثروا جميعاً الرحيل الى ما قبل الازمنة الحديثة، متشوقين الى الارحام الدافئة حيث العشيرة والقبيلة والطائفة والطائفية، وكل ذلك الفقر العميم الذي باركته لغة ما بعد الحداثة .. وكل الأشياء تنتهي الى السبات والتداعي " ! يبقى السؤال : ما العمل وما هو الحل الآن ؟ ان حل القضية الفلسطينية والاحتفاظ بحق العودة وفتح الحدود بين الدول الشرق اوسطية والعربية خصوصاً والعودة الى القومية العربية لهو الحل الوحيد وذلك لا يتم الا اذا استقرت الدول العربية فكرياً اولاً وابتعدت عن الطائفية البغيضة واتحدت سياسياً واقتصادياً واتخذت لها عملة واحدة وكونت علاقات وحدوية ودبلوماسية فيما بينها .. ثورة العقل اولاً، والجمهورية العربية ثانياً والعيش بسلامً ثالثاً، وأخيراً فلأنك عربي تستحق الحياة !

الأحد، ٣ رمضان ١٤٣٣ هـ

لا حلفاء في السماء

رسمتنا الأساطير قبل ان نفكر ان نرسمها في مخيلتنا، رسمتنا شعباً واحداً لا يفكر، لا يطور، لا يقرأ وان قرأ سينقسم على نفسه الى طوائف ومجموعات تنادي بإلغاء الآخر خوفاً منه او من الحقيقة المكبوتة ، وعُلّقت لوحتنا السوداء هذه وسُميت بالبنط العريض " القومية العربية النائمة" وصدّقنا الجنية .. كنا نسمى بالشعوب السّامية المتحدة وبتنا نسمى بمتخلفي هذا العصر الذي لا يرحم حتى الأموات منا ، فهم يبيعوننا ديناً سياسياً وكذباً ونحن نبايعهم بالخلافة من خلف ستارٍ دون ان نشعر وان شعرنا قليلاً نأخذ حبة " منّوم" ونعود لنومتنا الأبدية، نصدّقهم ونصدق وعودهم ورائحة اسلحتهم الفاسدة الصدئة التي يبيعوننا اياها بخبثٍ وعبقرية ونحن نفرح بلعبة المفرقعات الجديدة ، لا لشيء الا لأننا اعتدنا حلم اليقظة والفرح الوهمي ! ظَلمنا التاريخ حين شكّل هويتنا فوق هذه الأرض معاً ، ارض الخيرات والقدسية والهلال الخصيب والأيام الخوالي وصلاح الدين ، ظَلمنا كثيراً حين زرع في قلوبنا الخوف من كل ما هو غربي او مجهول او دنيوي ( ايه يا رجل حاسب ملاك على اليمين وملاك على الشمال بيسجلك) ! لقد فضّلنا منذ الأزل غرس رؤؤسنا في الأرض كالنعامة والتغني بأمجادٍ مضت قبل اكثر من الف عام ولن تعود طالما لازال باب العقل موصداً ومفتاحه في كتاب الشجاعة او في جعبة الغربي وحده .. لا ادري لماذا تخطر في مخيلتي صورة التقاتل الشبه خفي بين آل سعود والشريف حسين في 1925 وصراع كل واحد منهم على ان يكون خليفة المسلمين او الملك صاحب العرش بشكل او بآخر .. وهاهو التاريخ يعيد نفسه مرة ثانية فيشترينا الغرب بحفنة دولارات ويعيد تقسيم المنطقة من جديد بعد ان اختلف ميزان القوى العالمي ، والمهم كل المهم لدينا هو الكرسي الملتصق بمؤخرات زعامةٍ هزيلة فاسدة ومدعيةٍ للدين والرجولة والعروبة والشرف ، فلماذا لم ينتخب ملايين الثوار مجلساً انتخابيا وسط ميدان التحرير، وكوّن بعدها حكومة انتقالية ثم انتخب مندوبيه؟ كيف اشترت الولايات المتحدة اصوات المصريين بثمن رغيف خبز لتجدد تحالفها القديم مع الاخوان المسلمين لتضمن مصالحها؟ وكيف تضيع ثورة ملايين هكذا بلمح البصر ببعض البخور والأحاديث وادعاء وجوب حكم الله؟ ثم لماذا تريد الولايات المتحدة تحالف الاخوان المسلمين؟ هو سؤال بسيط جدا فمنذ عام 2004 بدأت الادارة الامريكية مخططاتها لإعادة تشكيل خارطة الشرق الاوسط ومن اهم اولوياتها اضعاف الصين وتود التمهيد للانسحاب من الشرق الاوسط تدريجياً ليتسنى لها حل مشاكلها الداخلية ومستوى معيشتها الذي بدأ بالانخفاض بسبب تردي الاحوال الاقتصادية ووجود الاخوان في مصر طبعاً سيثري مصالحها وسيثيريها ضد الصين وروسيا ، ومن هم افضل من الاخوان للقيام بذلك؟ يخفون القومية تحية قبعة الاختفاء وينصبّون دعاة الدين علينا وينشرونهم في الشرق الاوسط وإلا فلماذا تعززت علاقة الاخوان "بالسي اي ايه" مع صعود عبد الناصر الى الحكم؟ ولماذا نجدهم بعلاقة وثيقة مع المخابرات البريطانية منذ عشرينات القرن العشرين ؟ ولماذا تقابل محمد مرسي مع نائب وزير الخارجية الامريكي في مطلع هذه السنة؟ولماذا عقدوا الاجتماعات والمحادثات معهم قبل الانتخابات المصرية بقليل؟ بسيطة جداً يتسلون بعقولنا ويخططون لتنصيب المتأسلمين في مصر وتونس وسوريا وتركيا وفي كل بقعة يستطيعون اليها سبيلا ! وكيف تسخّر روسيا للعالم صورة سورية بأنها حرب اهلية وطائفية وهي من يقتل شعبها ويحمي مرايا الأسد؟ يلحّن الغربي لنا على وتر سمائنا الحساس ويفرّقنا كما يفرق القطيع تماماً بين سنّي وشيعي ، ومسلم وقبطي ، وسلفي وبهائي ، وناصري وكلبي وجحشي ، ويكفيه هذا اللحن ليستولي على بلاد عروبتنا المنسية وأرواح ضحايانا ولون دمائنا حتى، والتي اثبتت انها حمراء كباقي شعوب هذه الأرض .. ونحن نقف مكاننا منذ الف سنة وأكثر ونمسح الجوخ ليل نهار وندّعي الحضارة والثقافة ونتغنى بأمجاد الرازي وابن سينا مع ان الاول فارسي والثاني أوزباكستاني اي ليسوا عرباً اصلاً ونعيش ونحلّل ونحرّم قشرة السيجارة ونفتتن بجنةٍ وعدونا بها وكذبوا وبنارٍ غير موجودة اساساً ! قال الماغوط: " الغرب وضع الانسان العربي امام خيارين : البوط العسكري او العمامة ، اخذوا سيفي كمحارب وقلمي كشاعر وريشتي كرسّام وقيثارتي كغجري فماذا اقول لهم اكثر مما يقول الكمان للعاصفة؟ لا يوجد عند العرب شيء متماسكٌ منذ بدء الخليقة حتى الآن سوى القهر والوحدة الحقيقية القائمة بين العرب هي وحدة الألم والدموع، والإرهاب لم يترك لي فرصةً لأحب احداً حتى الله " ! وأنا اقول لكم اليوم كيف للعربي ان يتحرر وعقله لازال عالقاً بكل ما هو ممنوع او حلال او حرام ، وحتى وإن دخلت الرصاصة في صدره وهو صائم سيسألك جيرانه ان افطرَ ام لا !!! كيف ينام الضمير العربي هكذا وبكل ببساطة ولا يدافع عن اخيه ؟ ولماذا يُدفن الشعب السوري حياً ولا يجد مقبرةً ينام نومته الأبدية فيها باحترام، أي امة هذه التي صارت تحتقر حتى موتاها الا امتنا العربية؟ ولنقل ان الشعب العربي في منطقة الشرق الاوسط يعاني من تردي الاحوال المعيشية والمادية، اين هي شبه جزيرة العرب؟ اين هم خلفاء الامة والخليج العربي؟ أذكر اني قد قرأت قبل يومين فقط احدى وثائق ويكيلكس والتي كشفت ان اميراً سعودياً ابلغ السفير الامريكي بأن عائدات مليون برميل نفط يومياً تتوزع بين ستة امراء فقط ، وتبلغ ثروتهم اكثر من تريليون دولار اي اضعاف اضعاف الناتج المحلي للسعودية بأكملها، فأين هي النخوة العربية؟ وأين تذهب كل هذه الاموال؟ لا ونعود ايضاً لننصب المفتي فلان والشيخ علّان اولياء لله على الارض وعلى عقولنا ونتبارك بهرطقاتهم التي لا تنتهي ، ونبايع آل هارون الرشيد وآل مصعب بن بن بن.. وننتظر رحمة السماء ! ألا ترون انه تقسيمٌ جديد للمنطقة " وسايكس بيكو" بحلة جديدة؟ لماذا تكرهون انفسكم الى هذا الحد؟وعلى ماذا تتقاتلون؟ يكفيكم طعناً بالأخوّة والإنسانية، يكفيكم ذبحاً لهذا الوطن ! " إن العلم قادرٌ على مساعدتنا لتخطي هذا الخوف الذي سيطر على عقول البشر لأجيال طويلة، وهو وحده من سيجعلنا نتخطى عقدة الخيالات والبحث عن حلفاء وهميين في السماء"، فهل تستيقظون؟

السبت، ١٧ شعبان ١٤٣٣ هـ

أبجدية الانتظار

حين يجتاحك الحزن لا يطلب تأشيرة دخول او جواز سفر ، وكل احزان الارض لا تساوي شيئاً امام حزني .. مسكينة انا حين ظننت انك قد احببتني يوماً .. مسكينة هي انا التي احس بأنني اسفنجةٌ بالية ومن كل ثقبٍ ينفجر شلال حزنٍ جديد..فالبارحة غرقتُ في البكاء امام منظر المرآة المكسورة تضامناً معي ، وقبل سماع صوتك بقليلٍ لعنت كل الآلهة والأنبياء امام منظر ولد سوداني يخطفونه من حضن امه ويسرقونه من مقاعد الدراسة امام زملائه لطرده من هنا ..من هذه الارض .. ارض العسل الاسود والحليب الفاسد ، اما اليوم فدمعتي لا تجف وقلبي لا يتركني وشأني حزناً عليك وعلى ثقافة راديكالية متعفنة وحمقاء.. قبل ثلاثة ايام فقط زرت تاجر التحف والهدايا وطلبت منه ان يخط اسمك بمخطوطة تمتد على كل جدران البيت.. قال : أانت مجنونة؟ من يفعل اليوم حماقات كهذه .. ابتسمت في وجهه وقلت: من يحب حتى الثمالة والسعادة والحزن والوجع والموت وما بعد الموت ومن يخاف ان يتركه المحبوب ويرحل الى صدر امرأة كاذبة تقنعه بأنه الاول في عمر النبض والجسد ! قال متهكماً : خذي اي تحفة من هذه فالرجال عادة من يبحثون عن الورود والعطور والهدايا لنسائهم .. غضبت وحدقت به كثعلب جائع يريد ان ينقض على فريسته حالا وفورا ، وصرخت في وجهه : انت جاهل ! طرقت باب المحل الزجاجي وسرتُ متجهةً الى السوق القديم فهناك فقط اشعر ببساطة الناس وتفاؤلهم رغم العوز وديناميكية الحياة وسرعتها والتي لا تسمح لأحد بالتوقف لحظة واحدة.. اردتُ ان اخبىء ملامح وجهك بين ضلوعي، وان ارسم لنا خارطة عشق جديدة تعيننا على كم الحروب الهائل والقتل والدمار الشامل الذي يجاورنا ويأكل ويشرب من جرحنا المفتوح.. وخططتُ لأن آخذ قسطاً من الراحة مع عينيك وان نحتفل سوياً على شاطئ البحر بمناسبة ولادة حبنا قبل اكثر من سنتين في مثل هذا اليوم ، وحفرتُ في اعصابي طويلاً ولم اجد ما يليق برجل مثلك يحبني حتى الثمالة سوى " دمي ودموعي وقلبي وابتسامتي " ! أردتُ ان آخذك بين ذراعي كطفلٍ صغير كي تطرد تعب البال والنفس والشكوك وتدعها ترحل للأبد معتقدةً وبعد كل هذه العشرة ورغيف الحب والخبز الذي اقتسمناه معاً بأنك قد عرفتني اخيراً ! تعطلت لدي الحواس وصرتُ عصفوراً مبللاً بثلوج قلبك الذي لا يرحم حين تركتُ باب البيت مفتوحاً طوال الليل والنهار انتظاراً لقدومك، وعطرتُ جو البيت وعتبته بالخزامى ، مسحتُ عن وجهي غبار حزني وارتديتُ نفسي من جديد ، وقلتُ : سيأتي .. لا بد سيأتي .. اليوم سيأتي .. وكلما كنتُ اسمع طقطقة رجلين في الخارج خرجتُ ملهوفةً كمغفلٍ اضلّ طريقه ، وكل المرات باءت بخيبة املٍ جديدة ، واضطررتُ لتحمل فظاظة جارتي الحمقاء اليهودية من اصلٍ يمنيّ لتخفف عني حرارة هذا البركان المنفجر في العمارة كلها بعد ان اشفقت على حالي وراحت تسردُ علي نكتاً من العصر الحجري قد اكل الدهر عليها وشرب ، ولم ابتسم ولو للحظة .. ظلت تقنعني بأن كل الرجال اوغاد وبأنهم جميعاً كلابٌ تبحث عن اللحم الابيض يظلون يلهثون خلف المرأة التي تعجبهم وحين يملون منها يهجرونها نازفةً في وسط الشارع العام لحياةٍ حافية ٍ من نعل العاطفة وعاريةٍ من صوف الرحمة ! ظلت تقول : في مجتمعكم لا يحترمون المرأة بل يعتبرونها بضاعة والسلام .. يريدونها حبة قمحٍ فوق سنبلةٍ يابسة دون عقلٍ او تجارب وفي النهاية يبحثون عن الحبة وتقشيرتها .. في مجتمعكم يحبون اللهو كثيراً ويعبدون الجمال والنساء وينسون انها انسان قبل كل شيء .. في مجتمعكم الرجل شرقيٌ ومنغلقٌ حد الحماقة.. في مجتمعكم .. في مجتمعكم.. في مجتمعكم.. ظلت تقول وتردد حتى انفجرتُ وسكبتُ كأس الماء في وجهها وطردتها من على عتبة باب البيت كذبابة ٍ ساقطة ! لم ارد ان اسمعها لأني اعرف انها صادقة في بعض الامور ، والحقيقة تجرح احياناً لا وبل قاتلةً في كثيرٍ من الاحيان . أقف امام صورتك المقابلة لباب البيت تماماً.. اتأملك..اتأمل القمر الساطع في وضح النهار..اتأمل عينيك واسأل نفسي كيف يمكن لهذه العيون ان تقتل؟ واضرب رأسي في الجدار مراراً دون جدوى ! فتحتُ دفتراً قديماً كنت قد كتبت عليه بعض قصائد نزار قباني منذ ايام الثانوية ، وقلت لعل بساطة نزار ستذكرني بالعواطف الساذجة والصفح والغفران وقرأت: "شكراً.. شكراً لحبك .. فهو معجزتي الاخيرة شكرا لحبك.. فهو علمني القراءة والكتابة وهو زودني بأروع مفرداتي.. واغتال اجمل ذكرياتي.. شكراً من الاعماق !" لم تسعفني قصائد نزار كلها من اول الدفتر الاخضر الى آخره، لا ادري لماذا.. ربما لأن جرحي اكبر بكثير مما تخيلت .. او ربما لأن ذائقتي الفردية قد اختلفت وتغيرت وصارت اكثر نضجاً وفهماً وادراكاً للشعر فلم تعد تقنعني ابيات نزار ! ليست ذائقتي وحدها بل اشياء اخرى اكبر بكثير ايضاً ، فكيف ألجم نفسي وأنا صرتُ اقرأ كل شهرٍ اكثر من ستة كتبٍ، وأبادلك الحب كل ثانية في خيالي ، كيف ؟ كيف؟ ما عاد شيء يداويني الآن .. لا الشعر ، لا البيتلز ولا احلام الصبا.. ما عاد شيء يسعفني الا الامل والانتظار خلف باب البيت لساعاتٍ كل يوم.. كما الآن.. وسأتركه مفتوحاً على جهة القلب مباشرةً ! فهل اراك؟

الجمعة، ١٦ شعبان ١٤٣٣ هـ

رسالة حب اليك

في كل مرةٍ كنتُ ادخل قصة حبٍ جديدة محملةً بالأسلحة ، ورائحةُ البارود تفوح من ثيابي بعد وهم حريقٍ اسميته حباً سابقاً ، كنتُ انا الرابحة الوحيدة في قصصٍ ابطالها عاشوا وولوا خلف غبار زمنٍ لن يعود ! الخساراتُ كانت كثيرة ، فقد خسرتُ جزءاً كبيراً من حربي مع الاعصاب وقطعتُ بحراً عميقاً من الذكريات ، وربما خسرتُ ايضاً بعضاً من اسمٍ كان لي يوماً قبل ان اقرر ان العب لعبة الاختباء من نفسي امام المرآة ، ولكنني اظل الرابحة الوحيدة في كل ما تطاير مع الزمن واعرف اني ربحتُ نفسي اخيراُ ! يناسبني هذا الحب ، يناسبني جداً ان احبك حتى الرمق الاخير ، فأنت كل الاشياء الجميلة مصنوعةً على شكل تمثالٍ يسمى "حبيبي" ، ويعجبني جداً ان اكون لي وحدي ولك وحدك ، وان اغازلك متى شئت واطرق بابَ مزاجيتي في وجهك متى شئت ، وهذا افضل كي لا القي عليك تعبَ القلبِ من اللهاث خلف طيور الاماني او حزن ما مضى ! أنت .. يا انت .. يا انا .. لا اعرف كيف اعرفك على نفسي المنقسمة على نفسها آلاف الانقسامات ، ولا اعرف كيف اعرفك على نفسك معي ، فأنت تعرفني بعض الشيء وأنا اعرفك جيداً واعرف انك تملك ثلاث ابتسامات جميلة : الاولى: واضحة وصريحة وتضج حين تضحك كالأطفال من مسرحيةٍ جميلة لعادل امام او من فستان قد ارتديه بالمقلوب لشدة انفعالي وسرعتي بالتجمل والتزين قبل ان تطرق بابي بلحظات .. والثانية : ابتسامة عريضة وساحرة لا تظهر الا عندما يعجبك مشهد البحر في هدوئه امام سيجارتك المشتعلة على مهل ، وحينما اريد عناقك بقوة فأتبعثر بين يديك .. اما الثالثة : فهي ابتسامةُ فخرٍ وحزنٍ متكسرٍ عندما اتعثر بخطوات الكلام ان وددتُ الحديث بطلاقةٍ عن آرائي البعيدة عن التقاليد امامك ! أنت كأس نبيذٍ احبه وأخشاه في آن ! يسحرني ويعدني بمستقبلٍ نخطوه معاً نحو حلمٍ بعيد وأخاف ان يتكسر فوق رأسي ، فالمسافة بيننا هي ذاتها المسافة بين السماء والفراشات ! انا اعرفك جيداً بل وأكثر من نفسي ، فأنا احب رجلاً حقيقياً وشهماً واخشى خيبة القلب ان لا اسمعه بوضوحٍ احياناً ، فأنت الآن بطل ايامي وأحلامي وحروفي معاً ، وأخاف جداً لأني اعرف بصدقِ كتبِ التاريخ ان زمن البطولات وصلاح الدين وأبي زيد الهلالي قد انتهى ! معك لا اسمع وقاحة الريح التي تطرق على ابواب فؤادي في شتاء ذكرياتٍ تقتلني ،ولا اصغي لنعيقِ اعداء لم اعتبرهم اعداء يوماً . معك ارسم لعصفور الدوري الذي يزورني كل صباحٍ قفصاً الى جانب شباكي الصغير كي يحمد الرب الف مرةٍ في اليوم مثلي لانه يتمتع بالتحليق والطيران في اي فضاءٍ كان ! يعجبني جداً انك ابي حبيبي وصديقي ، وأحب ان اظل طفلتك التي ترسم لك فوق المرآة قلوباً كالمراهقين ، وتعجبني تقلبات مزاجك التي تنتهي كلها في حضني ويعجبني اصغاؤك المهتم بي وبفكري معاً !! ويسعدني جداً انك لم تنتبه يوماً كم تعنيني تفاصيلك الصغيرة كأزرار قمصانك ولون محفظتك التي اخترتها بنفسي ورنة هاتفك المحمول المزين بقبلاتي كلما راجعتُ تفاصيل رسائلك النصية الجميلة وأيقنت اخلاصك لي ولحبي ، رغم اني لم اشك بك يوماً ولن ! وأعرف انك لا تأبه لقماش بنطالك الذي اعشق خشونته فوق ساقي فلاحٍ يذكرانني بجذع الزيتونة في ارض جدي الغائب الحاضر دوماً وابداً ! أنا اعرفك تماماً كخريطة كفي الصغيرة التي ان اوجعني اصبعي بها يوماً لشددته بقطعة حريرٍ ملقاةٍ على هامش الخزانة وبعض الاسبيرتو ، وأنت تماماً هكذا حين تجرحني عن غير قصد ، عندها لا افعل شيئاً سوى ان اضمك بحنان وسذاجة امٍ ونبكي معاً ، انت تبكي لأنك آلمتني وأنا ابكي لبكائك المر المالح الحزين ..! أنت .. يا انا.. يا قوس القزح في سماء السنين .. يا عسل التين .. يا زهو القمر في تمامه .. يا نرجسة تفتحت وفاح عطرها .. فوق ارض جسدي .. سنة تتلوها سنين.. أحبك .. فلا تبحث كجلجامش عن الخلود في الحب والحياة ، دعنا هكذا نكمل اقدم قصة كتبها الانسان ونحياها بكل لحظةٍ فيها ، ويناسبني جداً ان اكون امرأة الظل ، امرأة السر والخفاء ، فما من رجلٍ يرضى بعالمٍ واحدٍ فُرض عليه بحكم سنة الحياة والدين والتقاليد ! كل رجلٍ يبحث عن ذاته في عالمين اثنين : اولهما عالمٌ اعتيادي وممل تطفو على سطحه متاعبُ الحياة اليومية ورتابةُ تفاصيلٍ ترسمها زوجةٌ وأطفالٌ وغسالةٌ تتعطل وقرضُ بنكٍ يجب تسديده،وكتبُ رسمٍ ومحابر ودفاتر وواجب زوجي يجب اتمامه حتى لو عن عدم طيب خاطر ! وعالمٌ افتراضي سري مريحٌ لا تغطيه متاعب وواجبات وامرأة مدللة جميلة لا تطالبه بشيء سوى الحب والقبل وتعطر جوه بالموسيقى الهادئة والفانيل ، وتدلله بأسمى انواع الدلال : " الحرية" ! ان يقول ما يشاء ، ان يفعل ما يشاء ، ان يحقق معها كل "فنتازيا" تخطر على باله ، ان يدخن فوق السرير دون ان يخاف صراخ احدٍ ما بادعاء اتساخ الشراشف البيضاء ، ان يسير في البيت عارياً كالأطفال ، ان يلهو ان يرقص ، ان يسافر معها الى ابعد حدود الخيال ، ان يمارس الحب معها على ناصية الشارع العام ، ان تخطفه من نفسه ومتاعبه ، ان تجدد لديه حب الحياة ، ان تلون البيت لأجله بالتوليب والجوري بدل " البمبا وقطع الحلوى" المنثورة في كل ارجاء البيت . باختصار : ان يمارس الحب والحياة معها حتى الثمالة ! وأجل انا احبك ويعجبني معك ان اكون امرأة الظل ، ان اكون العشيقة والحبيبة على مر السنين ! كل منا يحب الاقنعة وحياتنا مسرحٌ كبير من الدمى ، ولا احد يجرؤ على خلع الاقنعة الا من يقنع اخيراً بأن كل واحد منا رجلاً ام امرأة امتلك حتى ولو بغفلة منه عالمين ! وأعرف وبحكم التاريخ والأمثلة الاجتماعية المتكررة ان لا رجل يخلص لامرأة واحدة وليس بالضرورة ان يكون خائناً !! أما انا فقررت ان اخلع كل اقنعتي ومقتنعة انا بحبك ونبلك وطيبة قلبك وأعرف وبعد كل ما مررنا من طرقٍ شائكة بأنك حبي الحقيقي المميز على مر السنين ويناسبني هذا الدور في حكايتنا ، فإن كانت حواء الاخرى تسرقك مني كل ليلةٍ فأوراقي ايضاً تسرقني منك ومن نفسي ! وأهوى هذه المسافة من الحرية بيننا ، فأنا اكره العقود والواجبات وجملة " أحبك الى الأبد" وأكره العيش في مجرةٍ تسمى "الواجب" ، الدين، المفروض، المفهوم ضمناً ... لا اطيق العيش في مساحةٍ صغرى تتسع لاثنين فقط ، عندها اشعر بالاختناق ، لذا لك وحدك ولحبري أخلص وأعتز بك لأنك صرت جزءا من صوتي وثلاث ارباعٍ من قلبي ، اما الربع الاخير فأتركه لي وحدي ، ولا اجمل من النوم فوق سريرٍ يضمني وحدي ولا اروع من ان ابدأ يومي بفنجان قهوةٍ ترافقه في الهاتف اوركسترا ألحان اشواقك وأحبك.. وأحبك !

الجمعة، ١٨ رجب ١٤٣٣ هـ

ميرا عوض وبساط المؤسسة الاسرائيلية

استفزتني الممثلة "ميرا عوض" في الفترة الاخيرة بعد اطلاعي على آخر مقابلاتها وشعاراتها الرنانة التي لا تتغير فكلها تصب في حِجر مدح الدولة ومؤسساتها ، واستفزني اكثر مناداة البعض بمقاطعة" ليالي الناصرة" او منع ميرا من المشاركة . ونادراً ما يستطيع احد ما اثارتي او استفزازي ! قلت بيني وبين نفسي من " نحن" ومن "هي" وفكرت كثيراً قبل كتابة هذا المقال خشية التجريح بأحد خصوصا " ميرا" نفسها بعد كل الانتقادات اللاذعة التي تلاحقها ، فنحن اولاً وأخيراً بشر ! وقررت ان احاول ان اكون موضوعية وحيادية قدر الامكان ! سألت نفسي عشرات الاسئلة : لماذا هي بالذات ؟ ولماذا نحن؟ ولماذا تهاجم "ميرا" في كل مرة تظهر فيها ؟ ألأنها امرأة ؟ ألأنها ناجحة؟ ألأننا نشعر بأن المؤسسة الاسرائيلية تهيمن على كل شيء خاصة على بعض فنانينا ؟ ولماذا نطالب بالمقاطعة؟ الأننا نخشى سماع الرأي الآخر ام لأن قلوبنا الصادقة ترفض تقبل ان احدا ما من بيننا قد قرر الانطلاق العبثي بعيداً عن الجماعة ؟ او لأن وطنيتنا لا تسمح لنا بتصديق ما تراه اعيننا بأن طاقة فنانة من فناناتنا تباح وتستغل ضدنا ولصالح المؤسسة الاسرائيلية ؟ وهنا لن اطيل الاسئلة اكثر ولن اسهب في الاجوبة لأنني لا احب المزاودة على وطنيتي ولا على وطنية الغير ولكن من يعطينا الحق بمقاطعة احد او منعه من الغناء لمجرد خلافنا معه في وجهات النظر او المواقف او نمط العيش ؟و الجواب : لا احد ! انما تظل لدينا " سوسة" الضمير الجماعي كوننا فلسطينيين اولاً واخيراً وهذه هي النقطة الاهم لدينا والتي تميز وجودنا هنا : مسؤؤلية حمل الهم الجماعي الوطني الفني والثقافي . ولأنني لم اعتد ابداً الكتابة حول موضوع ما قبل مراجعته ودراسته ، راجعت وعلى مدار بضعة ايام " بروفيل" ميرا عوض وأعمالها ، فمن هي ؟ ولماذا تثار حولها كل هذه الضجة ؟ " ميرا" هي ابنة الرامة مواليد 1975 والتي درست الفنون والأدب الانجليزي لمدة سنتين في جامعة حيفا ثم الموسيقى في كلية " ريمون" للجاز والموسيقى وأول اعمالها المسرحية المغناة " اذكر" ، ولديها العديد من الاغاني والأعمال والأدوار ، وتعرف نفسها على انها مغنية وممثلة وفنانة ، واشتهرت بدورها في سلسلة " شغل عرب" الذي يعرض على القناة الثانية ، والذي يمثل بشكل او بآخر صورة العربي السلبي ، الاحمق، السطحي والتافه الذي يطمح " للرقي الاسرائيلي المزعوم" او لمسح الجوخ حتى ينال من الحب جانب ! في عام 2000 صرحت " ميرا" بإحدى حفلاتها في نيويورك بحسب جريدة "هآرتس"في وقتها بأنها " من وقت اللينش بطلت فلسطينية وأنها انسانة وبدها تعيش لا اكثر ولا اقل " ! وفي عام 2009 كان العدوان الآثم على غزة وأطفالها ، وفي نفس التوقيت تحديداً شاركت " ميرا" زميلتها الاسرائيلية " نيني" في الغناء في مسابقة " اليوروفيجين"، وخدمت الدعاية الاسرائيلية المفبركة بالتعايش العربي الاسرائيلي والتي صدقت " ميرا" بأن التعايش هو مجرد " حمص وفول وبطيخ مبسمر "بين الشعبين لا اكثر ! وكأننا لا نعاني التمييز هنا ؟ وكأن اراضينا لا تصادر كل يوم؟ وكأن بيوتنا لا تهدم ابدا ؟ وكأننا لا نرفض في القبول للوظائف المرموقة والمراكز المهمة والمؤثرة فقط لأننا عرب ؟ وكأن كل شيء على ما يرام لدينا !! ولا انسى ذاك الموقف الذي تناولته الصحف والمواقع المحلية حول موافقة " ميرا" على الدعوة العامة التي وجهت لها من قبل المنظمة الصهيونية العالمية للغناء في الاحتفالات باستقلال اسرائيل التي اقيمت في لندن ولم تتراجع الا في اللحظة الاخيرة ! ودارت احاديث بعدم معرفتها اصلاً بحسب قولها ! واستغرب هل هي الحماقة؟ او الغرور؟ او فعلا تصديق الكذبة في اللاوعي لدى "ميرا" هو ما يدفعها الى هذه المشاركات؟ او ان حب الظهور والانخراط في كل ثقب ممكن في لوح الاعلام الاسرائيلي هو ما يدفعها الى ذلك؟ يؤلمني جداً ان " ميرا" وامثالها شريحة في اقليتنا لا ترى ابعد من انفها وكل همها الشاغل هو غزو الاعلام والمجتمع الاسرائيلي والتعشيش بينهم ! وأجل انا اوافق بأن وضعنا في داخل هذه الدولة هو وضع معقد وشائك ، فنحن بنظر هذه الدولة لسنا سوى مواطني درجة عاشرة تحت الصفر ، وبنظر اخوتنا في الدول العربية جواسيساً او خونة او ما شابه ، وبنظر انفسنا نملك هوية منقسمة على نفسها مئات الانقسامات وندفع ثمن هذه الانقسامات كل يوم ان كان على الصعيد الداخلي او الخارجي او حتى الشعوري لدينا ، لكن هذا لا يعطيكِ الحق " ميرا" انت او غيرك بتشويه صورتنا امام العالم او نقلها صورة مفبركة وكاذبة ! فنحن لا نعيش بوضعٍ جيد كما تدعين او تمثلين ، ولا فضل لأي احد علينا بالتامين الوطني او الخدمات الاجتماعية المختلفة لأننا ندفع ثمنها من ضرائبنا وأجرة عرق جبيننا كل شهر ، وهذه الارض ارضنا ،" وهذا الهواء الرطب لي" ، ونحن لسنا مثلك كما تدعين في مقابلاتك الاخيرة بأنه ان اردنا المقاطعة فعلينا مقاطعة الطبيب او الصحفي او مقاطعتنا جميعاً لأننا نتعامل مع المؤسسة ، فنحن نعيش هنا ومن الطبيعي ان نذهب الى عيادة الاطباء العامة التي لا نملك غيرها واجل نتعلم في مدارسنا وتحت ظل حكومة فرضت علينا منهاجاً نرفضه ، لكننا ندافع عن هويتنا كل يوم وكل لحظة ولا ننكرها وايضاً لسنا مثلك لأنك فنانة والفن هو وجه الشعب وحضارته وبما انك تدعين الفن ، فبدل ان تستغلي فنك لنقل صورة واضحة عن معاناة شعبنا وأقليتنا تقومين بمسح الجوخ بكل مناسبة وتتبجحين بكل صولة وجولة بمدح الشعب الاسرائيلي ومؤسسته وأنا ابداً لست ضد اي شعب ومشكلتي ليست ضد الافراد انما ضد الطرح السياسي الفني المغلوط ! وفي احدى مقابلاتك الاخيرة تقولين :" عليهم ان يشكروني فبفضلي تعرفوا على اللغة العربية وسط موسكو ومسارح العالم " ، ولأجل الصدق اضحكتني يا " شيخة ، شكراً والله يا ميرا على هالمعروف ، والله يرحمك يا غسان يا كنفاني ويا درويش والله يخليكي يا دلال يا ابو آمنة " ! فاذا كنت انتظر ان تتعرف الشعوب الاخرى علي وعلى لغتي من خلال هذه الصورة المشوهة التي تقدمينها والأغاني الضعيفة التي لا تختلف عن كل " الهيفاوات ، والماريات ، والدانات " لاستأجرت اول رحلة الى القمر وما عدت ابداً ! ويؤسفني ان اخيب ظنك يا " ميرا" فعندما تدعين بأنك تطمحين الى التغيير من خلال الحوار مع افراد الشعب الإسرائيلي وتعرفينهم علينا من خلال ادوارك او اغانيك فأنت مخطئة ومخطئة جداً ايضاً ، فأين هو الدور الحقيقي الذي قمت به ومن خلاله تعرف الشارع الاسرائيلي على جيرانه في القرى العربية ، بل اعطني اغنية واحدة تمثل حلمي بدولة فلسطينية الى جانب اسرائيل قد غنيتها ، بماذا تشاركينني انت بحلمي كعربية فلسطينية؟ ثم عن اي لغة واي تعايش وأي حوار تتحدثين يا "ميرا"؟ هذا الشعب لا يريدنا ولا يريد ان يعرفنا ولا يهتم بمعرفة تاريخنا ولا آلامنا او همومنا ، وحتى من تجدين منهم كذلك ستجدينهم عند اول مواجهة او حرب او عملية يرجعون للدفاع عن يهوديتهم ولا تعنيهم لا اليسارية ولا همومنا ولا حتى جرائم القتل في مجتمعنا كل يوم ، اما نحن فنعيش معهم ونعرف عنهم كل شيء وهم لا يعرفون عنا شيئاً حتى المعلومات الاساسية كالطوائف والديانات المختلفة لدينا والأحزاب وأسماء المدن والقرى والأحداث اليومية التي تحدث في مجتمعنا كل يوم ، وليس لأنهم لا يعرفون انما هم غير مهتمين او معنيين بمعرفة ذلك اساساً فنحن بنظر اغلبيتهم نكرة او شبه شعب يجب ترحيله من حيفا وعكا والناصرة الى الضفة والقطاع او الى السماء السابعة ان امكن ! فأي حماقة هذه ان تعيش مع شعب آخر اكثر من ستين عاماً ولا تفهم لغته او فنه او موسيقاه ؟ هذا الشعب لا يعرف عنا سوى " الحمص" وشخصية امجد الهامشية الحمقاء في " شغل عرب " ! اما عن الفن الذي تقدمين بحسب رأيي فاسمحي لي لأن اكثر من فن الاستعراض والتمثيل انت لا تملكين رغم اني احترم واقدر جداً نشاطك ونجاحك الدائمين ، لكن من يسمع الاغاني التي تقدمين لا يسمع صوتاً مميزاً ولا حتى احساساً صادقاً يوهمني ان ما اسمعه يخرج من القلب مباشرةً ، وغير مطلوب منك كما تدعين ان تكوني دلال ابو آمنة الثانية او امل مرقس ، فأنت تستطعين غناء ما تشائين وليس من الشرط ان يكون شعراً وطنياً ، لكن على الاقل اعطي المستمع احساساً بالصدق فيما تغنين ، وهذا اقل ما يكون! وبما ان الناصرة تحتفل هذه الايام بمهرجان " ليالي الناصرة" الذي ستشارك به ميرا فلم يستفزني سوى اولئك المنددين بمنع " ميرا عوض" من المشاركة في المهرجان ، والذي استفزني هنا هو الدكتاتورية في الفكر والتعبير ، فاليوم تمنع ميرا من الغناء وغداً يمنع احد آخر لسببٍ او بغير سبب ، وبعدها نريد فلان ولا نريد علان ، وهذا بحد ذاته يتعارض مع فكرنا الديمقراطي الحر ! وان كانت "ميرا عوض" تشكل صورة العربي الفلسطيني الذي يريد رمي عقاله وقنبازه وهويته في الخزانة ويضع " الكيباه" ويدور ، فلا يصح ان نقوم نحن بدور الدكتاتور الاعظم فقضيتنا اكبر من ذلك بكثير بكثير لأنها قضية وطن ثم وطن ثم وطن ثم وطن !

الجمعة، ١٦ ربيع الآخر ١٤٣٣ هـ

" ما زال الحلم على قيد الحياة"

يتفاجىء النبض من روحي الآن ! يخاف اللحاق بآخر وهجٍ لحلمٍ بعيد ... بعيد وأتفاجىء من نفسي الآن .. فلا حصان امتطيه، لا حبل نجدةٍ ينقذني ولا حتى لحن قيثارةٍ ضائعٍ حزين ! لا احد يقرع باب البيت او يزورني بالصدفة ولا شيء يجرؤ على حمل لقب " صديق" سوى قلمٍ متعثر بحفنة آلام متبقية لتحيي شعلة حبرٍ جائع،ولا احد ينتظرني هنا.. الا انت ، لا احد ينتظرني الا انت . هنا في المنفى .. كل شيء قريبٍ بعيد ، وكل عابر سبيل قد يكون مفتاحاً لباب قصةٍ قد تكتبك بدل ان تكتبها وان كتبتها ربما لن تنتهي .. هنا قد يمر قوس قزح الى جانبك ولا يراك ، وستمضي سائراً في ضبابٍ لا ينقشع .. والطريق ايضا لا تنتهي .. هنا في المنفى .. لا احد يهديك السلام او يصافح يدك الا لهدفٍ او لمصلحةٍ في نفس يعقوب وأتباعه ..هنا لا افكر بأي شيء محدد الا كيف انتظرك انت ، وكيف اغازلك انت وكيف اعانق وجهك الطفولي بين ذراعي ! هنا ، لا وقع لحديث السنديان عند عتبة بيتي الجديد، ولا باقةً سأهديها لقبر جدٍ قد ارتحل وغاب .. ولا طعم لزعترٍ مرتب في اكياس مزينة لا تقوى على حمل ذكرى لليلةٍ واحدة من ماض شعب ٍ اعتاد طعم الموت والدموع ، وطقطقة الاقفال وفتحها في بوابة مكتبة جارنا اليهودي الجديد في الحي نسبيا بعد ان اشترى شقة اليافاوي المريض القابع في المشفى لا تعني للجيران شيئاً بل تعنيني انا وحدي فلا احد يعرف مثلي كيف سيباع التاريخ بكلمتين وجرة قلمٍ واحدة في كتبٍ رخيصة ! هنا في المنفى لن تسمع عن غزالٍ قد التقى بغزالةٍ صدفةً هكذا ولوجه الله ، ولن تجد قطةً تشكوك امرها فحتى القطط صارت تدرك تماماً ان الاول من المارة سيمر ويعبس في وجهها والثاني سيسبها والثالث سيركلها كما يركل اي حجرٍ تائه في الطريق ! هنا.. لا يعرفون معنى رائحة البن الصباحية في فنجانٍ يضحك ، ولا يشكرونك ان قدمتَ لهم طبقاً من طبخك العابق بطعم المحبة وملح التراث ، بل سيرفضونك لأنك مختلف ومشكوكٌ في امرك ، فأنت موجودٌ في الدرجة المليون تحت الصفر لثقةٍ ضاعت مذ سميتَ في الهوية عربياً ثم طبعَ على جبينك بالبنط العريض بأنك فلسطيني ! في هذا المنفى وان سقطت سهواً او تعباً او ارهاقاً في الشارع المجاور لبيتكَ فلا احد سيرثيك، او يناجيك او يأبه قليلاً سوى حمامتين عاشقتين ، ولا احد سيقترب ليسألك ما بك سوى كلبٍ اضاع صاحبه ، او ربما قد ملَّ صاحبه منه وألقاه على ناصية الشارع العام ، واحمد ربك بأن بيتك قريب من هنا ! هنا وفي شمال تل ابيب لن تجد الآباء منشغلين باللهو مع اطفالهم ، بل في صنع الضوضاء واللهاث خلف غيم الايام القادمة ، وهم الحرب التالية ، ولن تجد رائحة حقيقية لأي شيء فحتى النرجس ذابلٌ في يد بائعة الورد التشيكية ، ولا تغريك رائحة الفلافل لدى "شلومي" فهي مزيفةٌ ايضاً ومأسرلةٌ حتى النخاع ، ولا تنتمي لا لطعم خبزك ولا لحمص اجدادك ! هنا ..يضيع معنى الوقت ، لا قيمة للساعة التي تدق فوق الحائط الا كي توقظك لتذكرك بميعادك الصباحي في مكتبك الجميل ( او هكذا يبدو للعيان)،فلا شيء جميلٌ هنا حقاً .. حتى وان دخلتَ المكتب كعادتك صباحاً وألقيتَ التحية على زملائك فسيصموا آذانهم وكأنهم لم يسمعوك فقط أنك عربي ، وكونك العربي الوحيد في شركة كبيرة كهذه لا يزيد الا الطين بلة خصوصا ً ان كنت متفوقاً علماً ، نجاحاً وجمالاً ايضا ، فاليهودي المتعصب لازال عالقاً بعقدة الفشل والخوف من نجاح الآخرين ! لا شيء جميلٌ هنا .. إلا فكتور ، هذا الحارس الروسي الذي يؤمن بمحبة الشعوب ، وبأن التبسم في وجه الغير صدقة ، وهل نحن شعب ٌ عادت تنفنا الصدقات؟ هنا .. في منفاي الاختياري تصبح زيارتي العبثية في الحلم للأهل والاصدقاء ولرائحة الصنوبر في الكرمل جسراً خرافياً معلقاً بين وحش العزلة وأمل التفاؤل الذي لا بد منه ! فلا شيء يدق القلب اكثر من حزن الذكريات . هنا او هناك او ما بينهما : ما عادت تعنيني المسافات او السنوات المارة بغير سبب كقطارٍ في سكة الشرايين ، فهنا لا معنى للانتظار ، فماذا ستنتظر ؟ أماً فرض عليك تركها دون تقبيل يديها؟ او والداً لا زال غاضباً من رائحة حبرك؟ ام جداً علمك الثورة ولن يعود؟ فالأموات لا يعودون حتى وان شئت ذلك ! ماذا تنتظر؟ حديثاً مع جاراً لا تعرف اسمه؟ أو فلةً لن تجدها على باب بيتك تناديك؟ أو عصفورةً ضلت سبيلها ووقفت على شباكك لتبشرك بأخبار الاصحاب ؟ ماذا ستنتظر بالتحديد؟ قلباً مثقلاً من هم الاشواق سيتركك يوماً وأنت نائم؟ أم رصاصة غدرٍ طائشة لن تصيب احدا ً لكنها ربما ستصيبك وبالخطأ فقط لأنك العربي الوحيد الذي ستكون بين الجموع في الساحة العامة؟ هنا ، لا جدوى من الانتظار وأنا لا اكره شيئاً بقدر كرهي للانتظار ! هنا : لا احب شيئاً بقدر رنين ضحكتك ، ولا اهوى الأشياء الا ان كانت جميلة في بحر عينيك ، ولا اغف ان لم تغف انت بين ذراعي كطفلٍ صغير ، وأنا اريدك طفلي الوحيد فلا احلم بأي امومة ولا اريد ابناءاً لهذا القهر ، لا أريد تحميلهم هم هذه القضية التي لا تنتهي وبؤس هذا التمييز في بلدٍ سميت يوماً بتل الربيع ويكفيني انك طفلي ، حبيبي وربيعي ! ولن اعدك بالزواج او عدم الإعجاب برجلٍ ما او شبحٍ من الماضي البعيد او المستقبل بل اعاهدك على الاخلاص حتى النبض الاخير في قصتنا ! هنا معك اختصر كل رجال الارض واختصر بك كل سنين العمر وما رحل وما قد يأتي ، فلا احد اهداني دنياه ودنياي معاً وحمل قلبه في كفة واحدة ووهبني اياه بشغفٍ الا انت ! هنا .. لا احب التحدث بهمسٍ الا معك ولا احب سماع قصائد الدرويش الا معك ، ولا أحب نغمة هاتفي الفرانكسيناترية الا لانها تحمل لي تغريدك الدائم ، رغم كرهي الشديد لهذه التكنولوجيا ! هنا .. او هناك او في المسافة الفاصلة بين الحلم والحلم : لا اعشق عمري الا لانه معك ! ولماذا احبك؟ لا ادري .. لا ادري ربما لأنك وحدك من منحني الحياة بعد موت محتم؟ ربما لأنك وحدك من تنام سنونوةٌ على راحة يده وتغفو دون خشيةٍ او وجل .. أو ربما لأنك من يمنحني الحب من كل قلبه هكذا وبكل بساطة ! ربما .. ربما .. أنا لا اعرف لماذا احبك حقاً ؟ لكني احبك وأحب اصل البلاد فيك ورائحة البرتقال في قمصانك ، واعشق التراب المعلق في طرف نعلك القادم من هناك ، وأحب طعم الشفاه التي لا تعرف الغش او الكذب واحبك واحبك هنا او هناك او في المسافة الفاصلة بين الحلم والحلم : أعيش واعشق عمري بين يديك ولولا هذا المنفى لما عرفتُ انك ستكون اباً صالحاً لم احلم به قبل اليوم لأطفالٍ لن يأتوا ولولا هذا المنفى لما عرفت انك وطني ، فالشكر للرب .. الشكر للرب ، لا زال الوطن على قيد الحياة ، لا زال الحلم على قيد الحياة ..لا زال على قيد الحياة !