السبت، ٢٦ مارس ٢٠١١

مكانكم في الشارع

أشعر بالغثيان حين أحس ان للصمت رجلان يسرح ويمرح بهما في كل مكان بيننا، في فكرنا، في قلوبنا ، في بيوتنا وحتى في الندب الباقي لنا !
قد لا اكون محايدة كفاية وربما لن استطيع ان اكون محايدة أبداً ففي دمي "سوسة " التمرد وفي عقلي ثورة تغيير وجب عليها ان تحدث آجلاً أو عاجلاً ..
قد لا اكون فصيحة أو متفلسفة بالقدر الذي يفرضه علي واجبي او رسالتي التي لن تنتهي بمجرد مقال عابر عبر صفحات "النت" او الشبكات الاجتماعية المختلفة ..
وقد لا أكون متوازنة او عادلة بما يكفي لأمدح بعضكم او كلكم ...
لكنني لا افهم شيئا الآن سوى انه حان وقت النزول الى الشارع ،
اجل حان وقت كشف السواعد والأكتاف والصراخ والهتاف !
مجنونة؟؟؟
ربما..
لكنني ارفض ان اكون اليفة..
ارفض ان اكون سخيفة..
ارفض ان اكون منغلقة ..
ارفض ان اكون بليدة ووضيعة !

لماذا؟
لأنني امثل عقلاً ضمن 20% من عقول سكان هذه الدولة العرب والذين بقوا في بيوتهم وحفظوا وطنيتهم من التلف عبر كل ما مضى من سنين ولأنني العربية الفلسطينية والتي اسكن هذه الدولة التي هي بذاتها جاءت إلي "بدون لا احم ولا دستور" ، ولأنني احفظ رائحة النعناع والزعتر في شراييني و تراثيات جدي وجد جدي عن ظهر قلب وأصر على تسمية الأشياء باسمها و اعرف تماما باني لست من عرب 48 أو عرب اسرائيل كما ينادينا البعض في الدول العربية وكأن هذه هي تهمتنا وهذه هي جريمتنا متناسين ان حكامهم الطغاة هم أول من باعنا ..
و إن كنت ارفض انني من عرب 48 وارفض اني عربية اسرائيلية وارفض ربطي وتعليقي من تلابيبي بأي دين .. إذن ما هي هويتي؟ ومن انا ؟ ولماذا علي ان اصرخ في وجهكم انتم شباب اليوم..شباب النت والتشات والغوغل والآي فون وأحرضكم على التفكير؟ لماذا علي ان احك عقولكم بظفري وهواجسي؟
ثم لماذا نقف مكتوفي الايدي عند سن كل قانون عنصري ضدنا في الكنيست الاسرائيلي؟ خاصة اننا سمعنا جميعاً بقانون النكبة الاخير وبقانون تحديد مكان السكن لفئة معينة في البلاد ؟
لماذا لا أراكم في الشارع عندما يأخذ كل طالب جامعي يهودي امتيازات ومنح أكثر منكم؟ لماذا تختفون عندما يناشد رجل دين يهودي هنا وهناك بعدم بيع الشقق او تأجيرها للعرب؟ لماذا الصمت بعد كل عملية قتل او سلب او نهب في وسطنا العربي؟ لماذا نصمت بعد كل مصادرة قطعة ارض جديدة ؟ ولماذا الصمت عن الهوية ثم الهوية ثم الهوية؟
فإن كنا نعيش كلنا نحن " وأولاد عمنا " في دولة واحدة لماذا لم أرَ فردا واحدا منكم ينادي بأعلى صوته نريد دولة لجميع مواطنيها؟
لماذا؟
وما اسخف اولئك الذين يتبجحون بوقاحتهم ويطلبون منا الرحيل والهجرة الى أي دولة عربية وكأن هذا هو خيارنا ومصيرنا رغم اني لا اعرف كيف يخلط هؤلاء بين شعبان ورمضان فطبعاً ارفض الهجرة لأي دولة وبالأخص إن كانت عربية فهنا ارضي ..هنا بيتي..هنا هوائي الجليلي.. وهنا عكاي و يافاي ..والاهم من هذا كله فليعطني هؤلاء دولة عربية واحدة علمانية !!
ألم يحن الوقت للنزول الى الشارع بعد؟ هل شباب مصر وتونس وليبيا هم وحدهم يعرفون المظاهرات؟
اشعر بالغثيان حين احس ان للصمت رجلان يسرح ويمرح بهما في كل مكان بيننا، في فكرنا، في قلوبنا ، في بيوتنا وحتى في الندب الباقي لنا !
إن كانت الهوية والعنصرية ليستا سبباً كافياً في ثورة شبابية قادمة ،أوليست اوضاعنا الاقتصادية سببا كافيا لوحده ؟ يكفي ان نسمع عن مئات العائلات بالكاد تنهي الشهر بكرامة واحياناً لا تنهيه.. ألا يكفي غلاء الوقود والماء والمواد الغذائية الأساسية سبباً للتظاهر؟ ألا يكفي ارتفاع نسبة الضرائب سببا ؟ ففي هذه الدولة لم يتبق سوى ضريبة واحدة لم تسن بعد .. على الهواء الذي نتنفسه..!
والعار ثم العار لنا نحن الشباب حين نرضى بأن يجلس البعض منا في مكاتب العاطلين عن العمل او في المقاهي لتدخين النرجيلة والحشيش .. اجل الحشيش فلا ترفعوا حاجبكم الأيمن وكأنكم لا تعرفون...!
ولنقل ان هناك فئة " مغلوب على أمرها " وعاطلة عن العمل أوليس من العار ما تدفعه لنا الدوائر الرسمية ونحن في هذه الألفية؟
أوليس هذا سبباً للنزول الى الشارع والصراخ بكل ما اوتينا من قوة ليعلم من لا يعلم اننا لسنا بالأغبياء !
"آه آه" ..اجل فهمت..
نحن ننتخب لذلك لا داع للتظاهر..
يا سلام !
أين هم أعضاء الكنيست العرب عندما تقتل صبايا في عمر الورود على خلفية ما يسمى "شرف العائلة".. " وأي شرف وأي جزمة قديمة وأي بطيخ اصفر "!
أين هم أعضاء الكنيست العرب حينما تسن القوانين وتنسج الحكايات والروايات التي اكل عليها الدهر وشرب في الاعلام الإسرائيلي الموجه؟
أين هم بالضبط حينما تبحث "كالكلب الضال" عن بيت تسكنه او تبنيه فلا تجد حتى قطعة ارض تبني فوقها ؟
أين هم؟
ومع احترامي وتقديري لهم مهما فعلوا غير كافٍ، ومتى نراه كافيا؟
عندما يزحف صرصار الانتخاب مقترباً طبعاً !
وطبعاً هذا اذا افترضنا ان اعضاء الكنيست العرب ولجنة المتابعة العليا تمثلنا جميعاً بالفعل !
هل مجرد انتخابك لهم يعني انك بت أصماً وأبكماً ايضاً؟
اشعر بالغثيان حين أحس ان للصمت رجلان يسرح ويمرح بهما في كل مكان بيننا، في فكرنا، في قلوبنا ، في بيوتنا وحتى في الندب الباقي لنا !

وأنتن..؟
أجل انتن؟ أين انتن بالضبط من كل هذا؟ ولم يتوجب على الرجال وحدهم النزول الى الشارع ؟فان كان شباب اليوم يملك سبباً واحداً للصراخ انتن تمتلكن مائة سبب للصراخ والصياح والمواء حتى تتقطع كل أوتاركن الصوتية ..
الم يحن الوقت بعد للظهور وعدم التخفي خلف اقنعةٍ ليلية وشعارات سخيفة؟
فأنتِ سيدتي من نقش المجتمع كله على جسدكِ طغيان ذكورته بأظافره العشر من أبٍ وأخٍ وخالٍ وعمٍ وشيخ ..
أنتِ سيدتي من أحرقوكِ بنيران تخلفهم وعنجهيتهم وجهلهم فلا تلبسي كذا ولا تتمكيجي كذا ولا تقرأي كذا ولا تكتبي كذا ولا ترفعي صوتك ولا تفكي ضفيرتك ولا تصادقي فلان ولا تسافري مع علان .. وليس مسموحاً لكِ بالاعتراض أو النقاش وغير مسموح لكِ حتى بالخطأ..
وإن قتلوكِ بدم بارد لن يجمع احدهم أشلاء روحك..
فيا سيدتي إن لم تمزقي ستائرهم سيمزقونكِ، وإن لم ترفعي صوتك سيرفعون هم أرجلهم فوق صدرك ويدوسونكِ ،وإن لم تأخذي حقك بالكامل وبكل شيء فسينهبون صوتك وجسدك وحريتك ويرفعون اصبعهم الأوسط في وجهك كل ثانية لأنك وحدك من رضيتِ بالصمت منذ البداية !
إذن ، ما المطلوب؟
النزول إلى الشارع.. ثم الشارع ثم الشارع ..